مدونــة السـياف الادبية

نعم ، لم  أعلم بأن ذهابي الى الولايات المتحدة سيحطم آمالي التي بنيتها وسيهدم فرحتي بالتحاقي في السلك الأمني !!

بعد إجتياز جميع الفحوصات والإمتحانات التي فرضتها جهة عملي لإلتحاقي
بالدورة المقررة ، حدثني مسئولي المباشر وهو برتبة عقيد .. فقال :-

المسئول : عمر الحينه بقى إنك تجهز نفسك للسفر

عمر : إن شاء الله طال عمرك

المسئول : أتمني من الله أنه يوفقكم جميعاً في عملكم

عمر : عسى يارب

المسئول : حط في بالك نقطة مهمه جدا ، أمن الدولة لا يعلى عليه أحد مهما كان ، وهذي أوامر رئيسنا حفظه الله

عمر : أكيد طال عمرك

عمر : بس طال عمرك شوه بتخصصوني بعد إجتياز الدورة بإذن الله !؟؟

المسئول : أمم على حسب ميولك وعلى حسب إجتهادك

عمر: إن شاء الله مايستوي إلا كل خير ..

خرجت وتوجهت إلى المنزل لأقضي ماتبقى لي من أيام في الدولة مع أسرتي ، ولا
أخفي عليكم ظلت فاطمة تجول في ذهني طوال الطريق ، فهذه الفتاة مكسورة
الجناح لا تضحك ولا تجلس إلا معي أنا وأخي ناصر والآن كلانا خارج الدولة .

كانت هناك فكرة مسبقة عن سبب سفري وطبيعة عملي لدى عائلتي ، فأنا ذاهب
للتدريب على ترويض الكلاب البوليسية ومعرفة أنواع الكلاب ..الخ شيء مناسب
لمهنتي كما قلت لهم ، ولايعلم أحد عن سر مهنتي ، ولكن أمي أبدت إشمئزازها
من هذا العمل ، ودائما ماتقول لي أبحث عن قسم آخر يا بني فالكلاب نجسه !
وخطره وأنا أقول لها التدريب المسمتر مع الكلاب يجعلنا نتوالف مع بعضنا
البعض ! مسكينة أمي لا تعلم بأن لايوجد أحد في هذا الكون مثلي يخشى الكلاب
وشراستها .

حان موعد سفري ، وشددت الرحال إلى أمريكا ، وتحديداً مدينة سياتل  وكان أخي
ناصر في ولاية بعيده تدعى كولورادو ولكن تواجد لإستقبالي في المطار بوسط
دموع الفرح والسعادة لرؤيتي وبالطبع بادلته نفس الشعور حيث أني بالفعل
مشتاق إليه ، نسيت مشقة السفر والتعب برؤية أخي وعزيزي ناصر .

ناصر : ألف الحمدلله على السلامة

أنا : الله يسلمك ويبارك فيك

ناصر : شخبارك بعد

أنا : الحمدلله مشتاق لك

ناصر : حتى أنا مشتاق لك

ناصر : شحال أبوي وشحال أمي وفطوم

أنا : كلهم بخير وعافيه يسلمون عليك وأمي مطرشتلك خبز محلا بس ماطاعوا ياخذونه في المطار .. أسكت ياريال فضحتني

ناصر : ههههههههه بعدها على هالسوالف فديتها والله ..

ناصر : بنروح شقة ربيعي هنيه بنريح وعقب كل واحد يروح مقره

أنا : إنته ماعليك جامعه !؟؟

ناصر : لا تعليق

ذهبنا إلى مسكن رفاق ناصر وكانوا أربع أشخاص بالعدد شخص يدعى أسامة مغربي
وشخص يدعى عزمي مصري وخليل خليجي وبندر خليجي أيضا ، طلاب يدرسون في
الجامعه تعرف عليهم ناصر أخي في مرحلة التأسيس ، كانوا شباب خلوقين جدا ،
وبالأخض بندر ذو صوت شجي ، يأم بنا الفروض .

خرج خليل من غرفته هو وبندر وتركوا لنا الغرفة تحت الحاح شديد منهم ، وذهب
أسامة إلى سوق العرب في سياتل وأخذ بعض اللحوميات الحلال وبعض الأغراض
وسهرنا سويه على راحة الطهي الزكيه .. ونمت ..!!

ناصر : عمر .. عمررر

أنا : هاا نعم نعم

ناصر : نش بنصلي الفير

أنا : يالله ياناصر .. خلني برقد شويه تعبان

ناصر : تعبان !! قم قم صل نش

أنا : أنزين خمس دقائق

قاطعنا أسامة :-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ناصر : عليكم السلام

أنا : عل يي كم ال س س س لام

أسامة : كيفكم يا إخواني

أنا وناصر : بخير الله يعافيك

أسامة : يالله ننتظركم عشان نصلي الفجر جماعة

أنا وناصر : إن شاء الله

فنهضت خوفا من الله عز وجل ومجبوراً ، كان النوم يدغدغ عيناي والكسل يكسوا عظامي ، وصوت الطائرة مازال يصفر في أذناي

ذهبت إلى دورة المياه لأتوضأ ومن ثم دخلت إلى صالة الجلوس ، كانت الصالة
عبارة عن مكتبة مليئة بالكتب والأفلام العلميه وخصص أحد أركانها للصلاة

صليت سنة الفجر ثم جلست انتظر البقية إلى إن اكتملنا واقمنا الصلاة ، فتقدم
بندر وتلى علينا آيات الذكر الحكيم بصوت عذب جعلني أنصت له باتقان واهيم
في عظمة رب العباد ..

ثم بعد الصلاة انطلقت إلى الفراش ، وما إن أغمضت عيناي إلا بناصر يوقضني مرة أخرى !

ناصر : عمر

أنا : هلا أخوي

ناصر : عندنا محاضرة دينيه يلقيها خليل شوه رأيك تحضرها !

أنا : لا دخيلك برقد تعذر لي

ناصر : أوكي صار

محاضره ! أنا في هذه الأثناء أنتظر من يقص عليه قصة بريئه ويأخذني لسبات عممممميق !

نهضت في العاشره صباحا ، ولم يكن ناصر موجود هو وخليل وعزمي ، وهناك أسامة وبندر .

بندر : صباح الخير ياخوي

أنا : صباح النور والسرور

أسامة : صباح الخير أخوي

أنا : صباح النور والسرور

أنا : شحالكم عساكم بخير

الكل : الله يسلمك ويبارك فيك

أنا : أعذروني ثقلت عليكم هههه

الكل : لالالا ولايهمك لاتقول جيه أنت وناصر على روسنا والله

أنا : الله يبارك فيكم يارب

بندر : وش تدرس يا عمر

أنا : لا مادرس أنا ضابط في الشرطه ياي هنيه دورة

( في الحقيقة لم  استطع قول كلاب بوليسية لأسباب نفسيه)

بندر : أهاا ما شاء الله ؤش نوع الدورة

أنا : لغه

بندر: الله يعطيك العافيه

أنا: الله يعافيك

أنا : وانتوا شوه تدرسون !؟

بندر : أنا ثقافة وتاريخ

أسامة : حضارات معاصره

أنا : ما شاء الله والأخوان خليل وعزمي

أسامة : بزنس

أنا : هذا أحسن تخصص بلا شرطه بلا وجع قلب ههههه

الكل : هههههههه

أسامة : فين مقر الدورة !؟

أنا : والله ماعرف بس عندي التعليمات اني اتصل بالسفارة وأخذ الإرشادات من هناك أنا برتاح يومين وببلغهم

أتى ناصر ورفاقه وفي يدهم يعض الأكياس ، وجلسنا نتكلم ونسأل بعضنا البعض عن
طبيعة الولايات المتحدة وسألته عن مستوى دراسته ، فتغير شكله كثيرا !

سألته مره أخرى ، فقال ، ياعمر أنا توقفت عن الدراسه ! وحكى لي بداية مرحلة والتحاقه بكلية هندسة الطيران

وكان يبكي كثيرا عندما يرى الطائرة أو مجسمها ! فقلت له لماذا لما لم    تلتحق بكلية أخرى !

ثم ماذا تفعل طوال هذه السنوات ! يا أخي هذا خطأ !! في حينها تذكرت أمي عندما قالت له :-

أمي : ياولدي الله يخليك لا تناحس أبوك

أمي : ياولدي قرارك غلط استهدي بالله وهب وقته

فسألته :-

أنا : خبرت هلي ؟

ناصر : هيه أريد أسافر فرنسا بس أبوي هب راضي !

((أمي : ياولدي قرارك غلط استهدي بالله وهب وقته ))

أنا : فرنسا ! ليش عاد !!

ناصر : وأيدين تعرفت عليهم نصحوني أدرس كهرباء مقاتلات الميراج !

أنا : بعدك تفكر فيها هههه خلاص ياخوي الله سبحانه وتعالى له خلقه شؤون وعسئ إن تكرهوا شيء !!

عزمي : ممكن أتدخل !

أنا : تفضل أخوي عادي

عزمي : حضرتك تقدر تدرس برمجة كومبيوتر وأنت تخصصك تاريخ ! وإلا سياحه

أنا : شوف أخوي التخصص ما يمنعك من تنوع الدراسات بس لو قلت لي مثلا أنا هواية سياحه وتجبرني أدرس برمجة أكيد لا طبعا !

عزمي : بالزبط كده هو ده اللي عاوز أقولك إياه .. فأنا أقول أحسن لو يروح فرنسا وياريت لو تخدمنا مع الحجه والحج هناك وتقنعهم !

قلت في نفسي ( ليتني ماقلت له تفضل يوم طلب يتدخل !) لم  تعجبني مداخلته إطلاقا .

تبين لي لاحقا بأن ناصر ليس في كولورادو كما زعم إنما في ولاية أخرى لم  يفصح عنها متحجج بأني لا أعرف جميع الولايات

لم  أكن أظن بأن ناصر مازال متأثر برفض الكليه ونظرته السوداويه اتجاه هذا الأمر ..

جلست طوال اليوم أفكر ، في أمر أخي وتعطيل مستقبله بيده ، وأنا لا أعلم إن
كانت الغربة تركته على حاله أو غيرت صفاته . أشياء كثيره وددت إن أتحدث
فيها معه وخشيت أن يغضب مني وأنا مشتاق له منذ فترة طويلة ..

طلبت من ناصر بأن يحضر لي بطاقة sim للهاتف خاصه بأمريكا وبالفعل ذهبنا
سويه إلى أحد مراكز بيع الهواتف وقمت بشراء شريحه للهاتف خاصه بي ، وفي
صباح يوم الإثنين اتصلت بالرقم السفارة كما قالوا لي المسئولين فوجدتهم
غاضبين على التأخير !! إعتذرت لهم وقمت بزيارتهم وطلبوا مني عدم إقامة أية
علاقة مع أي شخص دون علمهم .. وبالفعل كانت الإجراءات سريعه والتحقت بمقر
الدورة ، ولم التقي مع ناصر كثيرا في بداية الأسابيع الأولى للدورة .

بستثناء المكالمات الهاتفيه اليوميه ، وكنت كثير ما أبحث له عن مخرج وأقدم
له الاقتراحات والنصائح إلا إن تركيزه على الذهاب لفرنسا غلب على أطباعه
كثيرا .

كانت الدورة تشغلني كثيراً ، وكان تركيز المدربين على الخارجين عن القانون
تركيز واضح ، واستفدت كثيرا ، وتعرفت على مجرمين ومطلوبين لم  أكن أعلم شيء
عنهم سابقا وصدمت عندما علمت بأن كثيرين من التجار ورجال الأعمال مراقبين
ليس فقط خوفا من الإرهاب ، هناك عصابات وغسيل أموال وتجارة غير مشروعه
..الخ

بعد تجاوز فترة 4 شهور قرر المسئوليين تخصيص كضابط أمن مختص بالجماعات
الإرهابيه والسياسيه فوافقت دون شرط أو قيد لحبي الشديد لهذا العمل ، فلا
يوجد أغلى من حب الوطن وطمس الطامعين به ، والوطن هو تكوين مترابط بين
الأرض والبشر وبين الشجر والحجر ، وبين رئيسها ومسئوليها . فالرئيس ليس إلا
شخص بدون وطن والوطن ليس إلا رمال بدون رئيس !

التقيت بناصر أخي وكان مستعد للعودة إلى الوطن فقال لي :-

ناصر : عمر خلاص أظن تعرف كل شيء هنيه مايحتاي حد يتروع عليك هههه

أنا : لا ماعليك تطمن

ناصر : أنا أترياهم بس أيبون جوازي من السفارة وبرجع الدار أنا : بشتاق لك رغم إني وأنا هنيه مفتقدنك بسبب الدورة

ناصر : الله يسلمك يارب .. أنا ضروري أرد الإمارات

أنا : هيه أمك وأبوك مشتاقين لك

ناصر : غير جيه بعد عندي أمور ثانيه

أنا : مثل شوه !؟

ناصر : عندي ترتيبات خاصه بجهز نفسي لفرنسا

أنا : تعال صح الحينه الدولة رفضت تدرسك في فرنسا كيف بتصرف على نفسك فرنسا غاليه

ناصر : أنا عضو في منظمة الإخوان الأذكياء ومقرها فرنسا ويدفعون لنا مصاريفنا والدراسه على حسابهم !

أنا : منظمة ! أول مره أعرف !!

ناصر: هيه بس حاول ماتخبر حد هاي منظمه تسعى لردع الفساد والربع كلهم فيها قوم أسامة وعزمي وبندر وخليل وربعنا الثانيين .

أنا : وليش بعد ما أخبر حد !

ناصر: بس

أنا: أول مره أسمع بهالمنظمه ! الإخوان الاذكياء !!

ناصر: هيه

أنا : إممم كلمني عنها شوه نشاطها ومنوه رئيسها ووالخ

ناصر : أنا هب بس بكلمك عنها أنا بدخلك في المنظمه وأنته وشطارتك الترفيعات
والدرجات بتيك حسب شطارتك ، أما أهدافهم شوف حال المسلمين في أوروبا
وبتعرف .

أنا : ليش شوه فيهم المسلمين !

ناصر : يهدمون المساجد ونحن نبني لهم كنائس في بلادنا يمنعون الحجاب ونحن
في بلادنا نسن لهم قانون يتفصخون ويتعرون باسم الحريه .. يااااعمي أسكت بس

أنا : ( مصدوم)

انتهى حديثي مع أخي ناصر ، ومازلت مندهش ومصدوم عن حديثه وعن منظمته ، وذهبت وأنا أفكر بصمت ! الإخوان ألاذكياء !!

إخوان من وأذكياء على من !! ومتى وكيف !!

لا يهم فهي مجرد منظمه لا تقدم ولا تؤخر ، ولكن حديث ناصر عن أحوال
المسلمين لفت انتباهي عن سلوكة الذي تغير كثيرا ، ونعم هدم المساجد شيء
مؤلم ولكن لماذا لم  أتألم أنا ! فهل نحن لسنا مسلمون !

عاد ناصر إلى الدولة ، وبقيت وحدي أفكر ! بصمت وبسرية تامه امتثال لرغبة
آخي ناصر ، وبعد مرور الشهر التاسع في الدورة واقترابها على الإنتهاء تكونت
لدي فكرة موسعه عن النشاطات الإرهابيه والسياسيه والمعاديه للحرية ، ومازل
تفكيري في منظمة الإخوان الأذكياء ! فطلبت من أحد المدربين تزويدي
بالقائمه التي تضم المنظمات والأحزاب المحظوره دوليا ، وبالفعل زودني
بالقائمه إلا إن هذه المنظمة غير موجوده ضمن المنظمات !

ارتحت نسبيا فما دامت ليست محظوره فهي في الطريق الصحيح ولا بأس على أخي ناصر .

أما ناصر عاد إلى أرض الوطن وكان سعيدا بالعودة ، وذات مره اتصلت أمي وأثناء حديثنا :

أمي : تصدق ! تحيد ربيع اخوك هذاك النابولسي !

أنا : هيه أحيده

أمي : توفى مسكين

أنا : افاا الله يرحمه

كان حديثا دار بين والدتي وناصر أخي اثناء الإتصال فشد انتباهي قول أخي ناصر لوالدتي :-

ناصر إلى أمي : الله يرحمه ويغفر له راح مثل شربة الماي

شربة ماء !! فسألتها ماذا يقول :-

أمي : ذبحوه اليهود يقول في مظاهره سلميه

أنا : أهااا الله يرحمه

فعاد أخي ناصر يحدثها .! حكام العرب هم السبب !!!

لم أكترث كثيرا لما قال ، ولكن في الحقيقة أصبح سلوك ناصر لا يعجبني إطلاقا خصوصا النظره السياسيه بتجاه القادة

بحثت عن هذه المنظمه في الانترنت فوجدتها محظوره في بعض البلدان والغريب في الأمر محظوره في البلد الأم (فرنسا)

تحدثت مع أخي ناصر حول هذه النظره وأقنعته بأن يعدل عن هذه الأفكار وظل
يردد ديننا الحنيف نساءنا العفيفات ! وكان القرآن منع والنساء يقادن سبايا
لليهود والنصارى !

( ناصر بينه وبين نفسه )

شوه هالظلم ، مساجدنا تنهد وحجاب بناتنا تنعق وحكومتنا تبني لهم كنائس
والله ظلم لازم حد يروح ينصح حكومتنا شوه هالظلم شوه هالواسطه الفقير
يزيدونه فقر والغني يزيدونه غنى

يتكلمون عن الديمقراطية والتجار من الأسره الحاكمه ومحتكرين السوق واللي متولي الشؤون الإسلاميه نحن أنه مهمل في عمله

!!!

سقط أبي مريضا ولا أعلم السبب ! فجأة إتاني اتصال من ( فطومة وهي تبكي تبلغني عن مرقد أبي )

فاطمة : تبكي ) أبوي في العنايه

عمر : ليش شوه فيه

فاطمة : تبكي

عمر : فاطمة وين أبوي !؟؟ أبوي شوووه فيه !؟؟ تكلمي

لم  يبلغني أحد عن مرقد أبي إلى الآن ، وواشكت رحلتي في أمريكا على
الانتهاء ، وكانت هذه الرحله أسوء ماتعرضت لها في حياتي وأسأل الله أن
يعينني .

انتهى البارت

—————

القاضي : حكمت المحكمة بإعدام المتهمين شنقا حتى الموت